عالم الشركات .. شباب في مقاعد القيادة

بيجي هولينجر من لندن

أي شخص قضى الـ20 عاما الماضية في تسلق سلم الشركات على أمل الحصول على أعلى وظيفة فيها، عليه أن يحذر: ربما فاتتك الفرصة بالفعل.

قبل بضعة أسابيع تم تعيين شابة تبلغ من العمر 28 عاما لإدارة شركة ليروي ميرلين فرانس، وهي واحدة من أكبر السلاسل لبيع أدوات التصليح الذاتي في أوروبا تملكها عائلة موليز البعيدة عن الأضواء.

أثارت ترقية أجاث مونباي جدلا حادا في وسائل الإعلام الفرنسية. رأى عديد من المعلقين أنها لم تكن لتنال الوظيفة إلا بفضل علاقاتها مع العائلة. وإلا فلماذا تتم إناطة مسؤولية شركة توظف نحو 30 ألف شخص وتولد ما يقارب عشرة مليارات يورو سنويا من المبيعات بشابة تبلغ من العمر 28 عاما؟

لكن كلا. فشركة ليروي ميرلين تصر على أن مونباي لا علاقة لها بالعائلة على الإطلاق. فقد صعدت إلى القمة بسبب جدارتها بعد سبعة أعوام تقريبا مع الشركة.

هذا النوع من التحيز مألوف بالنسبة إلى قادة الأعمال الشباب الآخرين. "عندما يخبرني الناس بأنني أصغر من أن أكون مديرة تنفيذية، أسألهم إذا ما كانوا يعتقدون أنه من المقبول أن يكون لدينا رئيس دولة يبلغ من العمر 40 عاما؟"، كما تقول ماري سيرماديراس التي تم تعيينها رئيسة لمجموعة كوسفيبل للتغليف الفاخر في سن 32.

بغض النظر عن بعض الاستثناءات القليلة، لا يزال من النادر لمن هم في العشرينيات وأوائل الثلاثينيات من العمر أن ينالوا أعلى وظيفة في شركة كبيرة ما لم يكونوا قد أنشأوا الشركة أو كانوا جزءا من العائلة المؤسسة لها.

لذلك من غير المرجح أن تسارع عشرات الشركات الأخرى وتحذو حذو شركة ليروي ميرلين. لكن ترقية مونباي تشير إلى أن الأمور بدأت تتغير في مجالس الإدارة في أوروبا، حيث تتطلع الشركات إلى الاستفادة من مجموعة متنوعة من الآراء والخبرات كتأمين ضد مستقبل أكثر تقلبا وغموضا.

فلأول مرة منذ أعوام انخفض متوسط عمر الرئيس التنفيذي. في العام الماضي، تراجع المتوسط من 56 إلى 53، كما تقول جين ستيفنسون، نائبة رئيس شركة كورن فيري لاستقطاب الكفاءات. وتضيف "المتوسط قد لا يصبح 28 عاما، لكنه كان 57 عاما منذ الأزل".

تظهر دراسات من شركة كورن فيري وشركة هيدريك آند ستراجلز لتوظيف المسؤولين التنفيذيين أن عدد الذين شغلوا منصب الرئيس التنفيذي لأول مرة آخذ في الارتفاع بشكل حاد، بينما زادت مقاعد مجلس الإدارة التي تذهب إلى المديرين الذين تقل أعمارهم عن 50 عاما بنسبة 50 في المائة في أوروبا في عام 2022.

يعتقد مايكل بيرشان، الرئيس المشارك لاستراتيجية وممارسات تمويل الشركات في شركة ماكينزي، أن المرشح التقليدي لمنصب الرئيس التنفيذي الذي يتمتع بعشرات الأعوام من الخبرة الإدارية في القطاع نفسه قد يكون مسألة عفا عليها الزمن. يقول "كون الماضي مقدمة لوظيفة عليا أصبح أقل مما كان عليه من قبل".

ذلك ربما لأن تجارب الأعوام الـ20 الماضية هي أقل صلة بالـ20 عاما المقبلة. الأشخاص الذين كانوا يديرون الشركات في العقود الأخيرة عملوا في عالم يعم فيه الرخاء والسلام بصورة غير مسبوقة. وسيكون لزاما على الجيل القادم أن يتعامل مع عالم من المرجح أن يكون فيه الشباب أقل حظا من آبائهم، وتستعر فيه الحرب فعليا على الحدود الشرقية لأوروبا ويستفحل فيه التضخم. ثم هناك التكنولوجيا. فقد وصل الذكاء الاصطناعي أخيرا إلى عامة الناس، ولا أحد يعرف حتى الآن كيف سيغير ذلك الطريقة التي نعمل ونعيش بها. إن المسألة اليقينية الوحيدة هي عدم اليقين.

لقد ارتقى فلوريان دلماس ليصبح رئيس العمليات الفرنسية في شركة أندروس لصناعة العصائر في سن 31 فقط، ثم أصبح الرئيس التنفيذي للمجموعة بعد ذلك بعامين. يقول "إن الميزة الكبرى التي يتمتع بها النشء هي أنهم سذج بشكل إيجابي في فترة تشهد تغييرا كبيرا. وهذا يمنحنا مزيدا من الطاقة للتفكير، والعمل والبناء بشكل مختلف، متسلحين بوجهات نظر وأهداف جديدة".

في هذا السياق، ربما كانت شركة ليروي ميرلين حكيمة في اختيارها. ليس فقط لأن الأجيال الشابة تشعر براحة أكبر تجاه التكنولوجيا، لكن لأن القيم داخل الشركة وخارجها قد تغيرت، كما تقول إليزا فيلبي، مؤرخة للأجيال المتعاقبة ومستشارة للشركات.

عند إعلانها عن التعيين، أشادت شركة أديو، وهي الشركة الأم لشركة ليروي ميرلين، ليس فقط بمهارات مونباي التجارية والإدارية، لكن "بمهاراتها في التعامل مع الآخرين". فقبل جيل مضى، كانت مهارة التعامل مع الآخرين بالكاد شرطا للوظيفة العليا. من المتوقع الآن، كما تقول ستيفنسون، أن يتحلى المديرون التنفيذيون بالروح الجماعية "إنها طريقة مختلفة للقيادة". لقد أصبحت أهمية الشمولية والوعي الذاتي تزداد أكثر.

لكن هذه العقلية ليست مقصورة على الشباب. وسيكون من الحماقة أن نشير إلى أن التجربة أصبحت الآن غير ذات صلة. لكن ربما أصبحت مسألة تنوع الخبرات أكثر أهمية الآن.

السؤال الكبير بالنسبة إلى شركة ليروي ميرلين هو كيف ستدعم رئيستها التنفيذية الجديدة الموهوبة. لو كانت مونباي رائدة أعمال، فسيسمح لها بارتكاب الأخطاء وأن تبدأ من جديد، مع تأثر سمعتها بقليل من الضرر. لكن بصفتها الرئيسة التنفيذية الشابة في سن مبكرة لواحدة من أكثر العلامات التجارية المحبوبة في فرنسا، فقد لا تتمتع بهذه الرفاهية.

Provided by SyndiGate Media Inc. (Syndigate.info).

2023-06-02T18:12:56Z dg43tfdfdgfd