إدارة 4 أنماط من الموظفين لبناء فرق عالية الأداء

خلال مسيرتي المهنيَّة في شركاتٍ عديدةٍ مثل Gusto وUber، أدركت أنَّ تشكيلَ فريق عملٍ ناجحٍ لا يقتصر على استقطابِ أفضل الكفاءات من الموظَّفين، بل يتطلّبُ من صاحب العمل أن يفهمَ طبائع الموظَّفين المختلفة، وأن يعرف كيفية التَّعامل معهم بكفاءةٍ عاليةٍ. 

وبناءً على ذلك حدّدنا أربع فئات أساسيّة من الموظفين، وهم: الموظفون المبدعون، والموظفون النشيطون، والموظفون المسيطرون، والموظفون المتفانون، إذ لا بدّ من التعَّرُّف على هذه الفئات وكيفيَّة التَّعامل معهم والتَّوفيق بينهم؛ لتحقيق النَّجاح.

الموظفون المبدعون

هم الموظَّفون المُبتكِرون المسؤولون عن حلّ المشكلات المستعصيَّة في الفريق، إذ يبحثون عن طرائق لتحسين العمل، وابتكار حلولٍ جديدةٍ، ممَّا يسهم في تطوّر الشَّركة ونجاحها، ويظهر دور هؤلاء المبدعين في مواجهتهم للتَّحدّيات، وعدم خوفهم من المخاطرات الذَّكيَّة. 

وأنا كقائدٍ أحبُّ هذا النَّوع من الموظَّفين، ومهمَّتي هي توفير الحدود الخارجيَّة للفريق، وتشجيعهم الدَّائم على الإبداع ضمن تلك الحدود، إذ لا بدَّ من خلق بيئةٍ مناسبةٍ للمبدعين؛ لأنَّ ذلك يعني توفير فرصٍ لهم من أجل تولِّي مشاريع جديدة، وتشجيع إبداعهم، ومنحهم الاستقلاليَّة ليجرِّبوا ويتعلّموا من أخطائهم.

شاهد أيضاً: طريقة بسيطة لتحفيز الموظفين وتحسين إنتاجيتهم

الموظفون النشيطون

وعلى صعيدٍ آخر، يُعدُّ الموظَّفون النَّشيطون العمود الفقريَّ لأيّ فريقٍ يتمتَّع بأداءٍ مميَّزٍ،  فهم الذين يُلقَّبون بالنَّحل النَّشيط، وهذا النَّوع من الموظَّفين معروفٌ بكفاءته العالية، وبموثوقيته الكبيرة، مع الاستعداد الدّائم لبذل جهودٍ إضافيَّةٍ لإتمام المهام، ولكن يجد هؤلاء أنفسهم غارقين في الأعمال اليوميَّة فاقدين بذلك التَّركيز على الأهداف الكبيرة، والهدف هنا هو توجيههم ليركِّزوا على الأثر الإيجابيّ وليس على مجرّد الإنجاز فقط.

ومن أجل تحويلهم إلى نحلٍ بنَّاءٍ، من المفيد تشجيعهم على الانخراط في مهامٍّ تتطلَّبُ تفكيراً استراتيجيَّاً، مع مساعدتهم على ربط جهودهم بالأهداف العامَّة للشَّركة، وتقديم فرصٍ من أجل تطويرهم الشَّخصيّ والمهنيّ، وتحفيزهم لتجاوز حدود مهامهم اليوميَّة والرُّوتينيَّة.

الموظفون المسيطرون 

هم الذين يمكن أن يُزعزعوا ديناميكيّات الفريق، وهم موجودون دائماً في أيّ فريق عملٍ، فعندما كنت أعمل في أوبرا، كانوا يُلقَّبون بلقب "الأذكياء المتسلّطين"، أمَّا في المنظَّمات الأخرى، فقد أُطلق عليهم أسماءٌ مختلفةٌ لها الصّفات السَّلبيَّة ذاتها، إذ يمكن أن يُسهم هذا النَّوع من الموظَّفين -ممن يؤدُّون عملهم بشكلٍ متميِّزٍ، ولكنَّ سلوكهم عدوانيَّ أو غير تعاونيَّ- في خلق بيئة عمل سامة، وأن يسبِّبوا الفوضى لمن حولهم.

وبوصفك قائداً، فمن الضَّروريّ أن تتعاملَ مع سلوك المُتسلِّطين منذ البداية، وأن تضعَ توقُّعاتٍ واضحة للعملِ الجماعيّ والتَّعاون، وأن تقدّمَ تعليقاتٍ على سلوكهم وتأثيره على الفريق في سبيل تحقيق النَّجاح للعمل، وأن تقدِّمَ الدَّعم والموارد لمساعدتهم على تطوير مهارات التَّعامل الشَّخصيّ الأفضل.

وفي النهاية لا بدَّ من التَّعامل مع هذا النَّوع من الموظَّفين بشكلٍ يناسبُ سلوكهم، فالموظَّف المتميّز لا يجب أن يعملَ في بيئة سامَّة مع مثل هؤلاء، فإنَّ لسلوكهم تأثيراً سلبيّاً على معنويات الفريق وأمانه النفسيّ، وقد يؤدّي ذلك لخسارة الموظَّف الجيد، وإلحاق الضَّرر بالشّركة وسمعتها.

شاهد أيضاً: لماذا يشكّل الموظف الذكي خطراً على الفريق؟

الموظفون المؤمنون

هم الموظَّفون الَّذين يؤمنون تماماً برسالة الشَّركة وقيمها، ويشعرون بالشَّغف تجاه عملهم، وهم مستعدِّون لبذل جهودٍ إضافيَّةٍ للمساهمة في نجاح الفريق، ويعدَّون أكبر المروِّجين والمشجِّعين للمنتج، والشَّركة، والخدمات التي تقدِّمها، وللحفاظ على تفاعل وحماس الموظَّفين المؤمنين بعملهم، واحتراماً لقدر مساهماتهم، قدِّم لهم فرصاً للنُّموّ والقيادة، وشاركهم في عمليَّات صنع القرار.

من الضَّروريِّ البحث عن المرشَّحين الذين يُظهرون صفات البَّنائين، والمؤمنين، والنَّشيطين عندما يتعلَّق الأمر بالتَّوظيف، فهؤلاء الموظَّفون سيكونون القوَّة الدَّافعة وراء نجاح فريقك، وخلال عمليَّة المقابلة، اطرح أسئلةً سلوكيَّةً تكشف عن مهارات حلِّ المشكلات لدى المرشّح، وإبداعه، وشغفه بعمله، وابحث عن المرشَّحين الذين لديهم سجلٌّ حافلٌ من التَّحدّيات التي واجهوها وتعلَّموا من تجاربهم فيها، فأولئك الذين يتمتَّعون بعقليَّة النُّموّ.

بمجرِّد أن يكون لديك الأشخاص المناسبون في فريقك، من الضَّروريّ وضع معايير عاليةٍ مع مساءلة الجميع، ولكن وضِّح لهم توقُّعاتك للأداء والسلوك المتعاون، وقدِّم تعليقاتٍ منظَّمةٍ لمساعدة الموظَّفين على النُّموّ والتَّطوُّر، وقدِّر الموظَّفين الَّذين يلتزمون باستمرارٍ بهذه المعايير وكافئهم، وتعامل مع المشاكل أو المخاوف بسرعةٍ وبأسلوبٍ عادلٍ.

بناء فريقٍ ذي أداء عالٍ يتطلَّب فهماً عميقاً لأنواع الموظَّفين المختلفة وكيفيَّة إدارتهم بفعاليَّةٍ، إذ من خلال التَّعرُّف على نقاط القوِّة والضَّعف لدى البنَّائين، والنَّشيطين، والمتسلِّطين، والمؤمنين، وتكييف أسلوب إدارتك وفقًا لذلك، يمكنك خلق ثقافةٍ من الابتكار، والتَّعاون، والتَّميُّز، ومن خلال وضع معايير عاليةٍ للأداء، ومساءلة جميع الموظّفين عن العمل وقياس جودته، يُمكنك ضمان استمرار فريقك في السَّعي نحو النَّجاح.

من المهمِّ ملاحظة أنَّ الموظَّفين لا يتناسبون بالضَّرورة مع هذه الأنماط، لكنَّهم غالباً ما يُظهرون بعض الخصائص التي وصفتها أعلاه، وكما قال مايكل جوردان ذات مرَّةٍ: "الموهبة تفوز بالألعاب، لكن العمل الجماعي والذَّكاء يفوزان بالبطولات"، وبوصفك قائداً، عندما تكون قادراً على التَّعرّف على هذه الصّفات وتكييف أسلوب إدارتك وفقاً لها، فإنَّك تضع نفسك وفريقك في وضعٍ يسمح بتحقيق نجاحٍ دائمٍ.

تم نشر هذا المقال على موقع Inc. Arabia

2024-04-13T01:13:01Z dg43tfdfdgfd